سُئل الشَّيخُ شيخ الإسلام ابن تيمية ـ أيده اللّه وزاده من فضله العظيم ـ عن (الصبرالجميل) و (الصفح الجميل) و(الهجر الجميل) وما أقسام التقوى والصبر الذي عليه الناس؟
فأجاب ـ رحمه اللّه:
الحمد للّه، أما بعد: فإن اللّه أمر نبيه بالهجر الجميل، والصفح الجميل، والصبر الجميل:
فالهجر الجميل: هجر بلا أذى.
والصفح الجميل: صفح بلا عتاب.
والصبر الجميل: صبر بلا شكوى، قال يعقوب ـ عليه الصلاة والسلام ـ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}[يوسف: 86] مع قوله: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}[يوسف: 18].
فالشكوى إلى اللّه لا تنافي الصبر الجميل، ويُروى عن موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه كان يقول: "اللهم لك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث وعليك التكلان"،
ومن دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللّهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، اللّهم إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي سخطك، أو يحلَّ علي غضبك، لك العتبي حتى ترضى).
وكان عمر بن الخطاب ـ رضي اللّه عنه ـ يقرأ في صلاة الفجر: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}[يوسف: 86]، ويبكي حتى يسمع نشيجه من آخر الصفوف؛ بخلاف الشكوى إلى المخلوق.
قُرئ على الإمام أحمد في مرض موته أن طاووسًا كره أنين المريض، وقال: إنه شكوى. فما أنَّ حتى مات؛!!!
وذلك أن المشتكي طالب بلسان الحال: إما إزالة ما يضره أو حصول ما ينفعه، والعبد مأمور أن يسأل ربه دون خلقه، كما قال تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}[الشرح: 7، 8]، وقال -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس: (إذا سألت فاسأل اللّه، وإذا استعنت فاستعن باللّه).
ولابد للإنسان من شيئين:
طاعته بفعل المأمور وترك المحظور.
وصبره على ما يصيبه من القضاء المقدور. فالأول هو التقوى، والثاني هو الصبر.
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} إلى قوله: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}، وقال تعالى: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ}[آل عمران: 118-125]
، وقال تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}[آل عمران: 186]، وقد قال يوسف: {أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}[يوسف: 90].
مجموع فتاوى ابن تيمية-رحمه الله-
فأجاب ـ رحمه اللّه:
الحمد للّه، أما بعد: فإن اللّه أمر نبيه بالهجر الجميل، والصفح الجميل، والصبر الجميل:
فالهجر الجميل: هجر بلا أذى.
والصفح الجميل: صفح بلا عتاب.
والصبر الجميل: صبر بلا شكوى، قال يعقوب ـ عليه الصلاة والسلام ـ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}[يوسف: 86] مع قوله: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}[يوسف: 18].
فالشكوى إلى اللّه لا تنافي الصبر الجميل، ويُروى عن موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه كان يقول: "اللهم لك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث وعليك التكلان"،
ومن دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللّهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، اللّهم إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي سخطك، أو يحلَّ علي غضبك، لك العتبي حتى ترضى).
وكان عمر بن الخطاب ـ رضي اللّه عنه ـ يقرأ في صلاة الفجر: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}[يوسف: 86]، ويبكي حتى يسمع نشيجه من آخر الصفوف؛ بخلاف الشكوى إلى المخلوق.
قُرئ على الإمام أحمد في مرض موته أن طاووسًا كره أنين المريض، وقال: إنه شكوى. فما أنَّ حتى مات؛!!!
وذلك أن المشتكي طالب بلسان الحال: إما إزالة ما يضره أو حصول ما ينفعه، والعبد مأمور أن يسأل ربه دون خلقه، كما قال تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}[الشرح: 7، 8]، وقال -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس: (إذا سألت فاسأل اللّه، وإذا استعنت فاستعن باللّه).
ولابد للإنسان من شيئين:
طاعته بفعل المأمور وترك المحظور.
وصبره على ما يصيبه من القضاء المقدور. فالأول هو التقوى، والثاني هو الصبر.
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} إلى قوله: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}، وقال تعالى: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ}[آل عمران: 118-125]
، وقال تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}[آل عمران: 186]، وقد قال يوسف: {أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}[يوسف: 90].
مجموع فتاوى ابن تيمية-رحمه الله-